حية سيد دخيل العدو الجديد للشعب العراقي

عدنان الفضلي
تزحف كالشيطان الرجيم تطارد المساكين في قرى وأرياف ذي قار تفتك بهم
الواحد تلو الاخر دون ان تجد من يردعها ، تلك هي افعى سيد دخيل او ( حيّة
سيد دخيل ) كما يسميها الأهالي ، فهذه الافعى قتلت وخلال الشهرين
الاخيرين اكثر من اربعين مواطنا في ناحية سيد دخيل والقرى المجاورة لها ،
كان اخرهم اربعة اشخاص ماتوا في عيد الفطر جراء تعرضهم الى لدغة تلك
الأفعى فيما تم نقل شخصين آخرين إلى المستشفى ، وسط قلق حكومي محلي من
تحول هذه الافعى الى ظاهرة خطيرة ، ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة زارت
البينة الجديدة ناحية سيد دخيل والتقت المسؤولين والاهالي فكانت هذه
الحصيلة ..
تدخل الحكومة المركزية
عضو لجنة الصحة والبيئة المهندس
هلال السهلاني في مجلس محافظة ذي قار قال ان الحكومة المحلية بمحافظة ذي
قار طلبت من الحكومة الاتحادية في بغداد ، مدها باللقاحات والأمصال
اللازمة لمواجهة ما بات يدعى بأفعى سيد دخيل والتي تسببت حتى الآن بلدغ
أكثر من 121 شخصا ، قضى اكثر من اربعين شخصاً نحبه ، دون رادع لها أو لقاح
ينقذ ضحاياها .
ويؤكد السهلاني إن هناك أفعى في ناحية سيد دخيل شمال
المحافظة ، تعد من اخطر أنواع الأفاعي السامة والفتاكة ، وقد تسببت بضرر
كبير .وطالب السهلاني ، وزارة الصحة في الحكومة الاتحادية ودائرة صحة ذي
قار بتوفير المصل الخاص لهذه الأفعى ، مشددا على ضرورة دعم الحكومتين
الاتحادية والمحلية ، للناحية من خلال إيجاد الحلول المناسبة للازمة التي
باتت ترهب المواطنين في الناحية والقرى المجاورة .وأشار في حديثه لصحيفة
الاتحاد إلى عقد اجتماع قريب بين دائرة البيئة والمستشفى البيطري والصحة
ومجلس المحافظة لبحث الموضوع .
البحث عن الامصال
يقول مدير ناحية
سيد دخيل فائق نعمة أن الكثير من سكان قريتي آل حسن والحصونة من القرى
التابعة للناحية توفوا بعد أن تعرضوا إلى لدغة أفعى سيد دخيل وتم نقلهم
إلى المستشفى إلا انهم فارقوا الحياة متأثرين بسموم الأفعى القاتلة من
بينهم اثنين من النساء.
ويؤكد مدير الناحية إلى أن هناك امرأتين من
قرية الحصونة تعرضتا إلى لدغة الأفعى وتم نقلهما إلى مستشفى الحسين العام
وسط المدينة وتم إجراء اللازم لهما ، لكن الكثير من الذين لدغتهم الافعى
ماتوا بسبب عدم وجود امصال ، او لبعد المسافة بين القرى والمستشفيات ،
مؤكدا أن هذه الأفعى فتكت بالعديد من أبناء الناحية دون إيجاد حلول مناسبة
وإيجاد أمصال لها وان المسؤولين في الناحية خاطبوا المسؤولين في
الحكومتين المحلية والمركزية لهذا الغرض لكن دون جدوى.
اخطر افعى

ويقول احد اطباء الناحية أن أفعى سيد دخيل أو مايطلق عليها بالعامية «حية
سيد دخيل» هي اخطر أنواع الأفاعي في العالم من حيث السمية كما صنفها
أطباء ايطاليون عند زيارتهم للناحية عام 2010 رغم صغر حجمها اذ لايتعدى
طولها المتر الا ان سميتها غالبا ما تكون قاتلة خاصة وان غالبية قرى
الناحية بعيدة عن المراكز الصحية بالشكل الذي يجعل من المستحيل معالجة
المصابين بلدغتها بالسرعة المطلوبة
البيئة تحذر
مديرية بيئة محافظة
ذي قار وعلى لسان مديرها حذرت من وصول أفعى سيد دخيل إلى مراكز المدن
بالمحافظة مالم تتخذ الإجراءات اللازمة للوقاية منها والحد من انتشارها .
حيث يقول المهندس راجي نعيمة مدير بيئة المحافظة أن المديرية تحذر من
وصول أفعى سيد دخيل الى مراكز المدن وان الظروف مهيأة تماما لوصولها منها
عمليات التصحر التي تشهدها المحافظة لعدم وجود المياه والتي توفر لها
الطريق للوصول الى المدينة.
وأشار إلى أن على المسؤولين التحرك لإيجاد
حلول مناسبة وإنقاذ أرواح الناس من سموم هذه الأفعى القاتلة وإيجاد أمصال
لها وبناء مركز خاص بالسموم في ناحية سيد دخيل. ويؤكد ان افعى سيد دخيل
هي من الافاعي السامة ومن صنفecchis-carrinatus وتسبب نزفا شديدا في جسم
الانسان الذي يتعرض لعضتها وتنتشر هذه الأفعى في نواحي سيد دخيل والغراف
والإصلاح ولايتجاوز طول هذه الأفعى المتر وان سمكها بضعة سنتمترات وتظهر
غالبا في موسم الحصاد وقد تسببت لدغاتها بالناحية بمقتل 50 شخصا خلال
العام الماضي . فيما دعا إمام جمعة ذي قار لتوفير أمصال مضادة لأفاعي سيد
دخيل والتي تسببت بمقتل عدد من المواطنين بعد أن بدأت تزحف نحو مركز
الناحية نتيجة لعمليات الحصاد الشمالي من مدينة الناصرية وقال إمام جمعة
الناصرية الشيخ ستار الحمداني في خطبته بمسجد الشيخ عباس الكبير هنالك
العديد من الناس في منطقة سيد دخيل بدأت الأفاعي ترهبهم لانهم لا يجدون
مصلا مضادا لها ما تسبب بحالات وفاة واضطرهم للاستجداء والوقوف على ابواب
القواعد الأجنبية بالبلد لتوفير هذا المصل للمصابين من عوائلهم داعيا
الجهات المختصة بتحمل مسؤولياتها واخذ دورها في الحفاظ على حياة المواطنين
وإيجاد مصل واقٍ لهذه الأفعى المميتة .
نزيف فوري
طبيب باحث في
ناحية سيد دخيل اعتبر وجود هذه الافعى خطرا يهدد حياة اهالي الناحية وقال
الدكتور فلاح حسن مالك، مدير مستشفى ناحية سيد دخيل أن «أفعى سيد دخيل أو
(حية سيد دخيل) هي من اخطر الأفاعي في العالم، بحسب ما صنفه أطباء
إيطاليون هنا عند زيارتهم إلى المدينة مؤخرا.»
وبين مالك أن «هذه
الأفعى يبلغ طولها اقل من متر واحد، ولا يتجاوز سمكها بضع سنتمترات، وتعيش
غالبا في المناطق الخالية من الماء والغذاء.» مشيرا إلى ان الذين تعرضوا
إلى عضة حية سيد دخيل تم تحويلهم جميعا لمستشفيات مركز المدينة.»

وأضاف «لا نستطيع معالجتهم هنا أطلاقا وأي حقن للشخص الملدوغ يتسبب بنزيف
فوري، ولا نستطيع إيصالهم الى المستشفى في الوقت المناسب.» مبينا ان «هذه
الأسباب الرئيسية لموت المصابين لان النزف من كافة أنحاء جسم الإنسان، لكن
الأطباء هنا أصبحت لهم خبرة في سرعة معالجة المريض وإنقاذ حياته في أحيان
كثيرة.»
واكد ان ظاهرة «حية سيد دخيل» دفعت أحد الأطباء في المدينة
إلى إجراء دراسة حولها، ساعيا من خلالها إلى الكشف عن مؤشرات خطورتها وطرق
إنقاذ حياة المصابين بها بالسرعة الممكنة.
دراسة الحالات
من
جهته قال الدكتور عقيل كريم اليعقوبي أخصائي باطنية وقلبية في مستشفى
الحسين العام وسط الناصرية في حديث صحفي «لأهمية هذه المشكلة التي يعاني
منها أبناء المناطق الريفية في الناصرية، قمت بدراسة حالات عضة هذه الأفعى
السامة خلال فترات زمنية سابقة، بعد أن تم تسجيل 120 حالة إصابة استقدمت
للمستشفى العام في مدينة الناصرية لمعالجتها.»
وبين «كانت مؤشرات نسبة
الوفيات فيها(20%) أي (28) حالة وفاة، إضافة إلى الحالات لتي تحدث ولم
تنقل في حينها للمعالجة إلى المراكز الصحية أو المستشفيات، وذلك لبعد
المنطقة عن مركز المحافظة وعدم إيجاد سبل سريعة لنقل المصابين في حينها
وكان السبب الرئيسي هو النزف من أماكن متفرقة لجسم الشخص الذي تعرض إلى
عضة هذه الأفعى.»
وأضاف اليعقوبي أن «البحث تمحور على عدة نقاط، وهي
نوع الأفعى ، وأماكن تواجدها وطرق العلاج ،وهل ان المصل المضاد ذو فائدة
للعلاج وكذلك احتوت الدراسة على الإمكانية باستعمال طرق لتقليل نسبة
الوفاة حيث قمنا بزيارة ميدانية إلى الأماكن التي تتواجد فيها هذه الأفعى
والحصول على نماذج منها وإرسالها إلى رئيس قسم علوم الحياة في كلية العلوم
بجامعة بغداد.
واستطرد «تم الخروج بعد الدراسة والتعمق بها وبمحتويات
جسمها بحصيلة مفادها أن هذه الأفعى من النوع السام ، وهي من
صنفecchis-carrinatus) ) وهو من الأنواع السامة التي تسبب النزف الشديد في
جسم الإنسان بعد (العضة) .» مشيرا إلى انه «تم تحديد الحالات التي أدخلت
إلى المستشفى جراء عضة الأفعى هي من سكنة مناطق (سيد دخيل ، والإصلاح ،
والغراف ) المحاذية بعضها لبعض من الذين أصيبوا بحالات النزف الشديد أو
الوفاة .»
وتابع «أما فيما يخص العلاج فنلاحظ في السابق وجود طرق
بدائية وغير علمية في العلاج تنتشر بين الأهالي لا تجدي نفعا لمعالجة
المصاب بشكل يضمن سلامته، ريثما يتم إرساله إلى المؤسسة الصحية ، وبصدد
ذلك تم تثقيف المواطنين على ضرورة استعمال رباط يلف فوق مكان العضة،
وإرساله إلى اقرب مركز صحي وبأسرع وقت ممكن.»
وأضاف: كما تم التأكيد
أيضا على عدم تشريط مكان العضة ،لان ذلك يؤدي إلى تفاقم حالات النزف
الشديد والمميت علاوة على التلوث الجرثومي في الجسم، كما ثبت علميا عدم
زرق المصاب بالإبر في العضلة قطعا، لان ذلك يؤدي إلى تكوين مكان آخر يكون
سببا في حدوث نزف شديد.»
وأردف انه «بالإضافة إلى ذلك فان من المسلم
به تزويد المراكز الصحية في تلك المناطق بالمصل المضاد لهذه الأفعى
والتأكيد على ضرورة توصية الكوادر الطبية والتمريضية بإعطاء المصل المضاد
بأسرع ما يمكن وإرسال المصاب إلى المستشفى العام بالمدينة لإكمال علاجه
الذي يؤخذ مع بداية ( العضة) لان ذلك يعد من الأمور ذات الأهمية للمحافظة
على سلامة وإنقاذ حياة المصاب بالوقت المناسب والحيلولة من سريان السم في
جسم المصاب.»
وحذر اليعقوبي ساكني تلك المناطق «من مخاطر هذه الأفعى
والوقاية منها من خلال لبس الأحذية والكفوف البلاستيكية إثناء قيامهم
بإعمالهم في المناطق الزراعية أو ممارسات أعمال أخرى قي مناطقهم ، وعدم
ترك الأطفال بمناطق مهجورة أو بعيدة عن أعينهم لان ذلك يعرضهم إلى المخاطر
من عضة أو لدغة هذه الأفعى السامة والمميتة في اغلب الأحيان».
آراء الاهالي المصابين
ويروي رشيد حميد الموسوي ( 29 سنه) محنته مع تلك الافعى عندما تعرض الى
لدغتها: «شعرت لحظة عضتها لي أشبه بصعقة كهربائية وقذفتني على مسافة ثلاثة
أمتار عن مكان العضة.. وبعد مرور 10 دقائق بدأت أعراض السم تسري بجسمي
وبدأت عيناي تدمع ووصلت إلى المستشفى بعد نصف ساعة تقريبا.»
وأضاف ان
«نسبة السم لحظة إجراء الفحص 80 % وبقيت راقدا في المستشفى تحت العلاج
والحماية المركزة مدة 11 يوما استطعنا خلالها الحصول على إمبولين للمصل
أحدهما على حسابنا الخاص والأخرى من المستشفى قبل ان تتحسن حالتي شيئا
فشيئا.»
وأشار الموسوي « إن حية سيد دخيل هي من اشد الحيات على الأرض
فتكا كونها تعيش في المناطق اليابسة والتي لا يتوفر فيها لا ماء ولا غذاء
وتراها دائمة متعطشة للعض وان العديد من أبناء منطقة الحصونة شمالي
الناحية القريبة من سيد دخيل تعرضوا لعضات هذه الحية لكنهم ماتوا على
الفور ولن يصل أحد منهم إلى المستشفى.» وتقول عذراء قاسم عبد الرضا ( 16
عاما) «تعرضت إلى عضة حية «سيد دخيل» قبل عشرين يوما تقريبا ليلا عندما
دخلت إلى احدى غرف البيت والكهرباء وقتها كانت مقطوعة وهممت برفع شيئ
بيدي وأحسست وكأن العضة هي ضربة دبوس في يدي وعندما أنرت مصباحا كنت احمله
رأيت حية، فهاجمتني ثانية لكنني هربت إلى باحة البيت.» وأضافت « سارع
والدي وهو موظف خدمة في مستشفى سيد دخيل بإرسالي إلى الناصرية حيث مستشفى
الحسين التعليمي فسارعوا الأطباء بتبديل دمي كون النزف قويا جدا ومن كافة
أنحاء جسمي وتطلب تزويدي بعشر قناني من الدم مع العناية المركزة.»

وبينت ان «احد الأشخاص من أبناء قرية آل حسن في نفس ناحية سيد دخيل كان قد
تعرض إلى لدغة أو عضة حية سيد دخيل في وقت سابق وقد عاش ما اضطرنا إلى
الاستعانة به وتبرع لنا بقنينة دم وفصيلته O+ وهى نفس فصيلة دمي وبهذه
القنينة استعدت صحتي ثانية.»
وذكرت ان «الأطباء اجمعوا ان قنينة واحدة
من مصاب بعضة حية سيد دخيل تعادل 10 قناني من أشخاص غير مصابين بها لان
دم المصابين بهذه العضة أو اللدغة يعطى مضادا إضافيا ما يسهل على المصاب
الشفاء وأنا الآن أمارس أعمالي في البيت على أحسن ما يرام.»
وقال
المواطن محسن الياسري من أهالي المنطقة إن هذه الأفعى تستوطن هذه المنطقة
من أزمان بعيدة وليس لها علاقة بالاحتلال كما يحاول البعض إشاعته واستدرك
الا انها كانت تتواجد في أماكن بعيدة في الاهوار لكن تقربها للمناطق
السكنية يأتي خلال فترة الجفاف وغياب الحاجز المائي الذي كان يفصل مناطق
تواجدها مع المناطق قرب سيد دخيل.
وعن نوع وطبيعة هذه الأفعى ذكر
الياسري حتى الناس الذين لدغتهم لم يحسوا بوجودها قبل أن تلدغهم ومعظمهم
توفي في غضون 24ساعة لان الأمصال الموجودة لدى الصحة لا تنفع معها وهي
تختلف عن أنواع الأفاعي التي نعرفها
من جهته قال هادي الياسري مدير
منظمة التكافل الإنساني اتصلنا بعدد من وزارات الصحة في الدول الاوربية
ومنها ايطاليا التي ابدت استعدادها لتزويدنا بالمصل المضاد عند التاكد من
نوع الافعى التي تتسبب سنويا بوفاة اكثر من 25 شخصا بمنطقة سيد دخيل وحدها
وهو عدد كبير نسبيا لمنطقة كبيرة في المساحة بالمقارنة مع قلة عدد سكانها
مبينا أن السكان يتحدثون عن انواع اخرى من الافاعي بدات تظهر احداها بطول
7 امتار تم قتل واحدة منها باطلاق الرصاص الحي عليها مباشرة بعد ان بقيت
مدة ساعة كاملة تتحرك وشهدت المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية حالات
مشابهة خلال فترات الجفاف التي تعاني منها المنطقة نتيجة لتجاوز المناطق
المتقدمة على الحصص المائية لمنطقة سيد دخيل، ما تسبب بجفاف نهر ال
ابراهيم وهو مصدر المياه الرئيسي .
اشهر افاعي الناصرية
يذكر أن
أشهر أنواع الأفاعي الموجودة في جنوب العراق، ثلاثة أنواع، الأول منها
يعرف بأفعى الماء وهو يعيش في المياه الراكدة أو البرك، وهو نوع سام،
ويكون بأطوال مختلفة تتراوح من 60 سم إلى المتر ونصف المتر، وهناك نوع آخر
ويسمى» العربيد» ويكون لونه اسودا داكنا وأكثر سمكا من أفعى الماء، وقد
يصل طوله إلى أربعة أمتار، وهو من النوع الخطر والقاتل، والنوع الثالث من
الأفاعي يعيش في الأراضي اليابسة وفي الصحارى ويطلق عليه «الصل»، أو «صل
الحماد»، وهو رفيع وقصير، وله القدرة على الطيران لمسافات قصيرة، ويكون
خطرا جدا بسبب سمه ولدغته التي يصعب معالجتها.والنوع الأخير هو الذي تنتمي
إليه أفعى أو «حية سيد دخيل» كما أطلق عليها الأهالي هناك، بحسب ما ذكره
باحث في جامعة ذي قار.